
وسط كل الجنسيات… لقيت معنى جديد للستر
مطار ضخم… زحمة، شاشات رحلات، أصوات إعلانات بلغات مش مفهومة.
أنا هناك لوحدي، أول مرة أسافر وأتنقل بين دول وأنا بعبايتي الكاملة وخماري الطويل.
الكرسي المعدني بارد… القاعة كلها مشغولة بألوان الحياة إلا أنا، أسود وهادئ وسط ضجيج عالمي.
حطيت إيدي على شنطتي وقلبت في جواز السفر…
سألت نفسي:
“هل فعلاً الناس بتشوفني غريبة؟
ولا أنا اللي شايلاهم أكتر من حقي؟
لو لبسي مش عاجبهم… ليه عيونهم كلها عليا؟”
بصيت حواليّ…
طفل صغير في إيد أمه بيبص لي كأني من كوكب تاني.
شابة أوروبية بتاخد سيلفي وتضحك مع صحابها، لمحتني وشاورت لهم في خفة.
رجل بدقن بيضة ابتسم لي بود…
وأنا مش عارفة أحس بإيه: خوف؟
توتر؟
ولا فخر صغير بيكبر مع كل دقيقة؟
قطعت أفكاري ست أجنبية في منتصف العمر.
شعرها أبيض مربوط ولبسها بسيط لكن شيك.
قعدت جنبي، قربت بتهذيب وسألتني بالإنجليزي المكسر:
— “أنتِ منين؟ ليه لابسة كده؟ دايمًا أشوف لبسكم وأحس إنه سر…”
اترددت شوية، بعدين قلت:
— “أنا من مصر… وده لبسي الشرعي، باختاره كل يوم رغم إنه مش دايمًا الأسهل.”
قالت لي:
— “زمان كنت متدينة جدًا، وبعدين خفت من حكم الناس عليا فغيرت كل حاجة… دلوقتي بحس نفسي تايهة.”
سكتت لحظة، وأنا حسيت بقوة غريبة جوايا.
قلت لها:
— “عارفة، أوقات اللبس الشرعي بيخليني حاسة إني ضعيفة أو غريبة… بس في الحقيقة هو أكتر حاجة بتديني أمان وثقة، لأنه بيعبر عني مش عنهم.
حتى لو اتكسرت مية مرة، كل وقفة وسط زحمة العالم بتبني جوه قلبي عمود نور صغير.”
الست ابتسمت بعينين فيها دموع:
— “أتمنى يبقى عندي الشجاعة أختار نفسي تاني…”
سكتنا مع بعض.
كان في صمت مليان فهم وحب حتى لو كل واحدة مننا جاية من قارة غير التانية.
قمت أمشي نحية بوابة السفر…
وفي كل خطوة، حسيت إني مش بس مسافرة من بلد لبلد،
أنا بصدّر رسالة غير مكتوبة:
“البنت اللي عندها مبدأ، حتى لو لوحدها، أقوى من ألف تريند.”
وأنا داخلة الطيارة، نفسي البنات كلها تعرف:
انتي مش محتاجة رضا الناس عشان تكوني “جميلة”.
الستر مش ضعف…
ولا الوحدة في الغربة عيب.
دايمًا في عين وسط الزحمة بتشوفك صح، وفي قلب غريب هيتعلم منك حاجة.
لو اتعرضتي لتجربة غربة أو سفر بلبسك الشرعي وحسيتي بالخوف أو الوحدة…
احكي لنا لحظة أو موقف غير نظرتك لنفسك.
أو ابعتي رسالة أو صورة تحسسك بالفخر بلبسك حتى في الغربة—
ونجمعهم مع بعض في “ألبوم أسوة حول العالم”.
كلمتك النهاردة ممكن تكون دعم لبنت لسه واقفة محتارة وسط زحمة مطار أو عيون غريبة…
فاكرة نفسك لوحدك؟ إنتي دايمًا أسوة لحد تاني حتى لو مش شايفة!